فلسطين لنا.. والحق لا بد عائد لأصحابه..
فلسطين لنا.. والحق لا بد عائد لأصحابه.. |
كان الحديث في القسم يدور حول طفل صغير أعرج يعيش بأحد
القبائل الأصلية من سكان أمريكا الشمالية.. كان النص يتحدث
عن الهنود الحمر.. تساءل أحد الأطفال مستغربا:
- لم يطلق على سكان أمريكا اسم الهنود الحمر يا سيدي؟؟؟ فالهند كما رأينا في حصص الجغرافيا تقع في القارة الآسيوية وليس في القارة الأمريكية؟
- إنها التسمية التي أطلقها المستكشفون الأوائل على السكان الأصليين للأمريكيتين.. لأنهم كانوا يعتقدون أنهم وصلوا الشواطئ الهندية.. ففي ذلك الوقت لم يكن أحد يعلم بعد بوجود قارة غير الأروبية والآسيوية والأفريقية..
- ولكن سيدي هل حقا أن هؤلاء الهنود الحمر أي السكان الأصليون هم جماعات من المتوحشين الأشرار فقد شاهدت فلما قديما يقدم هؤلفاء الناس على أنهم مجموعات من المتوحشين.. ثم هل بقي لهؤلاء الأشرار وجود حقيقي أن أنهم انقرضوا من الوجود؟؟؟
- القضية معقدة بعض الشيء يا ولدي.. فهؤلاء السكان الأصليون كانوا فقط يدافعون عن أراضيهم ..لقد تعرض هؤلاء الناس الذين كانوا يعيشون في أمن وأمان بعيدا هناك عن العالم إلى أبشع أنواع القهر والظلم والإبادة.. ذنبهم الوحيد أنهم كانوا يعيشون بشكل مختلف عن بقية أرجاء العالم وكانوا يحترمون الطبيعة ويعيشون بتناغم كبير معها ولم تكن لهم أسلحة بنفس كفاءة وقوة الأسلحة التي كانت بيد أعدائهم...
- ومن قام بإبادتهم يا سيدي؟؟
- إنها جحافل المغامرين من القارة الأروبية الباحثين عن الثروة وعن الذهب الذين
قاموا بإبادة شعب كامل بدم بارد ثم قاموا بأخذ أراضيهم.. وحتى العدد القليل من
السكان الأصليين الذين تمكنوا من الصمود في مناطقهم تم عزلهم في محميات كأنهم
مجموعات من الحيوانات المهددة بالانقراض وهم لا يزالون إلى اليوم يعيشون
على الهامش ويعاملون معاملة دونية..
- سيدي إن ما حدث لهؤلاء يذكرنا بما حدث ويحدث الأن في فلسطين .. أليس رئيس نفس ذلك البلد هو الذي يريد إبادة الفلسطينيين ومنح أرضهم للمحتلين المجرمين؟؟؟
- تحليل جيد واستنتاج رائع يا ولدي أحسنت...
- ولكن سيدي ما لا أفهمه هو اهتمام الكبار بهذا الموضوع ورفع العلم الفلسطيني مع علم بلادنا عند تحية العلم .. حتى أنني رأيت والدي ووالدتي يبكيان من التأثر والحسرة وهما يسمعان خبر إعلان رئيس أمريكا تحويل سفارة بلاده إلى القدس؟؟؟ لا أفهم لم نهتم ونتألم لما يحدث في ذلك البلد البعيد عنا؟؟؟
- أنت ترون يا أبنائي أن المحور الحالي الذي ندرسه يتعلق باحترام الأخر وبأهمية نشر قيم التسامح بين الشعوب المؤدية للسلام أليس كذلك؟؟
- نعم .. نعم ..
- إذا فبقطع النظر عن كل شيء..و حتى عن روابط الأخوة ووحدة اللغة والدين
والتاريخ والمصير ومن باب الانسانية المحضة .. فالفلسطينويون الذين هم إخوة لنا هم أصحاب حق.. فهذه الأرض هي أرضهم وهم يتعرضون لأبشع أنواع الظلم والقهر والإبادة منذ ما يقارب القرن الآن من طرف عصابات من المستوطنين الصهاينة القادمين من شتى أصقاع العالم بدعوى أحقيتهم بأرض فلسطين .. وللأسف يا ولدي فقد تواطأت الكثير من دول العالم من أجل أن تستمر هذه المأساة إلى اليوم.. ولقد لاقى سكان فلسطين من الظلم والضيم والقهر ما لا يمكن وصفه.. تدمير للممتلكات وتزوير للتاريخ وقتل وتشريد وتهجير ومحاصرة وتجويع .. ورغم أن الفلسطينيين جربوا كل أنواع الصمود وقدموا مقاومة تاريخية بطولية منقطعة النظير فإنهم إلى غاية اليوم يلاقون نفس الظلم والضيم..
- لكننا يا سيدي نعيش في القرن الواحد والعشرين الذي بلغ الإنسان فيه درجة كبيرة من التطور والتحضر .. وهناك قوانين دولية تحمي حقوق الإنسان.. بل لقد رأينا أنه تم وضع قوانين تنص على حماية الحيوان والطبيعة والبيئة وتعرض من يتجاوزها للعقاب.. فلم لا يتم منح الفلسطينيين حقوقهم؟؟؟
- يا أبنائي رغم أن الجميع يتحدث عن الحقوق .. وعن ضرورة احترامها ..و قد رأيتم كيفأن البشرية احتفلت منذ أيام قليلة بذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان .. إلا أن الإنسان في جوهره لم يتغير ولا زال الكثيرمن بني جلدتنا وخاصة ممن يمتلكون القوة والثروة يعتقدون أنهم أفضل من الآخرين وأنه يحق لهم أن يفعلوا ما يحلوا لهم بالآخرين لأنهم فوق كل القوانين والدساتير .. إنها غطرسة القوة يا ولدي.. لذلك نحن نشدد على ضرورة احترام الإنسان لأخيه الإنسان وعلى ضرورة التعامل بالعدل والقسط بين الناس.. مهما اختلفت أعراقهم وثقافاتهم ودياناتهم.. تصديقا لقوله جل وعلى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) .. لكن البعض تأخذه العزة بالإثم ويعتقد أنه فوق البشر فيطغى ويتجبر ويسعى في الأرض فسادا ظنا منه أنه فوق الجميع وأنه في منعة من العقاب فيعيث في الأرض فسادا..
- ولكن ما هو الحل يا سيدي؟ هل على الضعيف أن يستسلم لحكم القوي خاصة أنه لا حول له ولا قوة.. وأنه محدود الخيارات.. إما الرضوخ أو الموت الزؤام.. ولقد شاهدت يا سيدي كيف يتم قتل الأطفال وتجريف الزياتين وتدمير المنازل بدم بارد من طرف الصهاينة الغاصبينم ومن يعترض طريقهم يقومون بقتله دون أن يوقفهم أحد عن غيهم وظلمهم واستكبارهم؟؟
- لا يا ولدي .. صاحب الحق لا يجب أن يتنازل عن حقه أبدا.. لأنه آجلا أم عاجلا الحق لا بد أن يعود إلى أصحابه مهما طال الزمن أو قصر .. فصاحب الحق بحق هو أقوى من ما يمتلكه الظالم من أدوات الموت والتدمير وكل ما يحمله في قلبه من حقد أسود وشرور.. تلك هي سنة الحياة وسنة الله في خلقه.. لقد سن الله عز وجل أن منذ الأزل : (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ) فالظلم والظالمون أبدا إلى زوال يا ولدي .. ونحن أبدا لا يجب أن نشك في عدالة قضيتنا وأن حقنا في فلسطين سيعود حتما إلينا ويومها ” ( وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وهو العزيز الرحيم )
- وكيف يمكن أن نساعد إخوتنا هناك يا سيدي؟؟
- أنواع الدعم التي يمكن أن نقدمها كثيرة يا أبنائي .. ولكن أهمها أن نعمل على امتلاك أساباب القوة وذلك بالاجتهاد في الدراسة والأخذ بأسباب العزة والمنعة وأن نتمسك بالحق ولا نحيد عنه مهما بلغ ظلم الظالمين ونعلم أن الله متم وعده بأن يعود الحق لأصحابه.. نحن يا ولدي لسنا ضعفاء ولا قليلي العدد والعدة فقط نحن اليوم نعيش فترة انحطاط بسبب انتشار الجهل والتخلف والفرقة والضياع.. لكن ثق يا ولدي أننا يوم ننتبه من غلتنا ونعرف كيف نتجاوز مشاكلنا أننا يومها سنفعل الصواب وسنسترد حقوقنا كما فعل يوما ما ”الناصر صلاح الدين“؟؟؟
- ومن هو ”الناصر صلاح الدين“ هذا يا سيدي وماذا فعل؟؟
- هذه قصة فيها عبرة وموعضة أدعوكم للبحث فيها وستكون موضوع حديثنا إن شاء الله خلال الحصة القادمة لكن الآن علينا أن نعود إلى درسنا .. فقد اتفقنا أن نجتهد ونثابر وأن نعمل بكل طاقاتنا حتى نكون أهلا لأن نسترد حقوقنا.. فلربما يكون تحرير فلسطين كل فلسطين على أيديكم يا أحبتي..
بقلم
عبد العزيز الرباعي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق